أنا الغراب
لها أون لاين
أحبابي الصغار
أنا طير غريب، وغرابتي تكمن في كل شيء،في لوني وصوتي، في طباعي وشكلي.. أنا الغراب، ريشي أسود كالليل الحالك، وصوتي خشن غريب لا يحبه الناس يطلقون عليه اسم النعيب. لا.. ليس النعيق يا صغار!! بل النعيب، فالنعيق هو صوت صديقي البوم، الذي ستعرفون قصته قريبا..
من الأمور التي تميزنا نحن الغربان: هو أننا نعيش في جماعات تحكمها قوانين وضوابط، وإذا خرق أحدنا قانونا أو عادة فإن محاكمة تُجرى له من بقية الغربان لينال جزاءه وعقابه.
فعندما يعتدي غراب منا على طعام الغربان الصغيرة؛ فإن بقية الغربان يقومون بنتف ريشه، فيغدو من غير ريش تماماً مثل الصغار العاجزين الذين اعتدى على طعامهم.
أما إذا اعتدى غراب ظالم على عش غراب آخر وخربه: فإن بقية الغربان يحكمون عليه أن يبني عشاً آخر غيره.
ومن أكثر الأمور غرابة عندنا هو: أنه عندما يعتدي غراب على أنثى غراب آخر؛ يحكم عليه بقية الغربان بالموت، ويساق ذليلا وهو ممنوع من النعيب، إلى مكان متوسط بين الغربان فينقرونه بمناقيرهم حتى الموت. وهذا يدل على أن الاعتداء على العرض جريمة بشعة عندنا، لا ينال مرتكبها إلا الموت جزاءً.
إن العيش في جماعات يا صغار يوجب أن يحترم الفرد قوانينها ومبادئها، وإلا فإن عليه أن يتحمل العواقب.
أنا طير ذكي لأن حجم دماغي أكبر منه لدى باقي الطيور، وقد ورد ذكري في القرآن الكريم في سورة المائدة عندما أرسلني الله لأعلم أحد ابني آدم عادة الدفن.
أتعرفون هذه القصة يا أحباب؟ لقد قتل قابيل بن آدم: أخاه هابيل؛ لأنه حسده وحقد عليه. فاحذروا يا أحبابي من الحقد والحسد، ولكنه بعدما قتله احتار كيف يواري (يخفي) جثة أخيه؟ فأرسلني الله جلت قدرته وتعالى شأنه... قولوا سبحان الله يا صغار!!
فأنا عبد لله لا بد أن أمتثل أوامره وأسمع كلامه وأطيعه.. أليس كذلك؟!
فألهمني الله سبحانه أن أحفر في الأرض وأدفن غرابا آخر أمام ابن آدم كي أعلمه عادة الدفن؛ ومنذ ذلك اليوم وجثث الأموات توارى في التراب..
اقرؤوا معي ماذا قال الله سبحانه في هذا:
"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا، فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) قال لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي، مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثـْمِي وَإِثـْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَه فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ(31).