وصايا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
*****
يا علي: إن من اليقين أن لا تُرضي أحداً بسخط الله ولا تحمد أحداً بما آتاك الله ولا تذمّ أحداً على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يجره حرص حريص ولا تصرفه كراهة كاره، إن الله بحكمه وفضله جعل الرَّوح والفرح في اليقين والرّضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.
يا علي: إنه لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل ولا وحدة أوحش من العجب ولا مظاهرة أحسن من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا عبادة كالتفكّر.
يا علي: آفة الحديث الكذب وآفة العلم النسيان وآفة العبادة الفترة وآفة السماحة المن وآفة الشجاعة البغي وآفة الجمال الخيلاء وآفة الحسب الفخر.
يا علي: عليك بالصدق ولا تُخرج من فيك كذبة أبداً ولا تجترئن على خيانة أبداً، والخوف من الله كأنك تراه، وابذل مالك ونفسك دون دينك وعليك بمحاسن الأخلاق فاركبها وعليك بمساوئ الأخلاق فاجتنبها.
يا علي: أحب العمل إلى الله ثلاث خصال: من أتى الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس، ومن ورع من محارم الله فهو من أورع الناس، ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس.
يا علي: ثلاث من مكارم الأخلاق: تَصل من قطعك. وتعطي من حرمك. وتعفو عمن ظلمك.
يا علي: ثلاث منجيات: تكُفّ لسانك. وتبكي على خطيئتك. ويسعك بيتك.
يا علي: سيد الأعمال ثلاث خصال: إنصافك الناس من نفسك. ومساواة الأخ في الله وذكر الله على كل حال.
يا علي: ثلاثة من حُلل الله: رجل زار أخاه المؤمن في الله فهو زور الله وحقٌّ على الله أن يكرم زوره ويعطيه ما سأل، ورجل صلى ثم عقَّب إلى الصلاة الأخرى فهو ضيف الله وحق على الله أن يكرم ضيفه، والحاج والمعتمر فهما وفدا الله وحق على الله أن يكرم وفده.
يا علي: ثلاث ثوابهن في الدنيا والآخرة: الحج ينفي الفقر. والصدقة تدفع البلية، وصلة الرحم تزيد في العمر.
يا علي: ثلاث من لم يكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله عز وجل, وعلم يرد به جهل السفيه، وعقل يداري به الناس.
يا علي: ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة: رجل أحبّ لأخيه ما أحب لنفسه. ورجل بلغه أمر فلم يقدم فيه ولم يتأخر حتى يعلم أن ذلك الأمر لله رضى أو سخط، ورجل لم يعِبْ أخاه بعيب حتى يصلح ذلك العيب من نفسه، فإنه كلما أصلح من نفسه عيباً بدا له منها آخر، وكفى بالمرء في نفسه شغلاً.
يا علي: ثلاث من أبواب البر: سخاء النفس. وطيب الكلام. والصبر على الأذى.
يا علي: في التوراة أربع إلى جنبهن أربع: من أصبح على الدنيا حريصاً أصبح وهو على الله ساخط, ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت فيه فإنما يشكو ربه، ومن أتى غنياً فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، ومن دخل النار من هذه الأمة فهو من اتخذ آيات الله هزواً ولعباً.
يا علي: أربع إلى جنبهن أربع: من ملك استأثر. ومن لم يستشر يندم. كما تدين تدان. والفقر الموت الأكبر، فقيل له: الفقر من الدينار والدرهم؟ فقال: الفقر من الدين.
يا علي: كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين: عين سهرت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين فاضت من خشية الله.
يا علي: طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب لم يطلع على ذلك الذنب أحد غير الله.
يا علي: ثلاث موبقات، وثلاث منجيات، فأما الموبقات: فهوىً متّبع. وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات فالعدل والرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وخوف الله في السر والعلانية كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
يا علي: ثلاث يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعِدتك زوجتك، والإصلاح بين الناس.
يا علي: ثلاث يقبح فيهن الصدق: النميمة، وإخبارك الرجل عن أهله بما يكره، وتكذيبك الرجل عن الخير.
يا علي: أربع يذهبن ضلالاً: الأكل بعد الشبع، والسراج في القمر، والزرع في الأرض السبخة. والصنيعة عند غير أهلها.
يا علي: أربع أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه فكافأك بالإحسان إساءة. ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك. ورجل عاقدته على أمر فمن أمرك الوفاء له ومن أمره الغدر بك. ورجل تصل رحمه ويقطعها.
يا علي: أربع من يكنّ فيه كمل إسلامه: الصدق. والشكر. والحياء. وحسن الخلق.
يا علي: قلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر وكثرة الحوائج إلى الناس مذلة وهو الفقر الحاضر.
يا علي: إن للمؤمن ثلاث علامات: الصيام. والصلاة. والزكاة. وإن للمتكلف من الرجال ثلاث علامات: يتملق إذا شهد. ويغتاب إذا غاب. ويشمت بالمصيبة. وللظالم ثلاث علامات: يقهر من دونه بالغلبة. ومن فوقه بالمعصية. ويظاهر الظلمة. وللمرائي ثلاث علامات: ينشط إذا كان عند الناس. ويكسل إذا كان وحده. ويحب أن يحمد في جميع الأمور. وللمنافق ثلاث علامات: إذا حدث كذب. وإن ائتمن خان. وإن وعد أخلف. وللكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرّط. ويفرط حتى يضيع. ويضيع حتى يأثم. وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصاً إلا في ثلاث: مرمة لمعاش. أو خطوة لمعاد. أو لذة في غير محرّم.
يا علي: إنه لا فقر أشد من الجهل. ولا مال أعود من العقل. ولا وحدة أوحش من العُجب. ولا عمل كالتدبير. ولا ورع كالكف. ولا حسب كحُسن الخلق، إن الكذب آفة الحديث وآفة العلم النسيان. وآفة السماحة المن.
يا علي: إذا رأيت الهلال فكبّر ثلاثاً وقل: الحمد لله الذي خلقني وخلقك وقدَّرك منازل وجعلك آية للعالمين.
يا علي: إذا نظرت في مرآة فكبّر ثلاثاً وقل: اللهم كما حسَّنت خَلْقي فحسِّن خُلُقي.
يا علي: إذا هالك أمر فقل: اللهم بحق محمد وآل محمد إلا فرجت عني.
قال علي (عليهِ السَّلام): قلت: يا رسول الله (فتلقى آدم من ربه كلمات) ما هذه الكلمات؟ قال: يا علي إن الله أهبط حواء بجدة والحية بإصبهان وإبليس بميسان ولم يكن في الجنة شيء أحسن من الحية والطاووس وكان للحية قوائم كقوائم البعير، فدخل إبليس جوفها فغرَّ آدم وخدعه فغضب الله على الحية وألقى عنا قوائمها، وقال: جعلت رزقك التراب وجعلتك تمشين على بطنك لا رحم الله من رحمك، وغضب على الطاووس، لأنه كان دل إبليس على الشجرة، فمسخ منه صوته ورجليه، فمكث آدم بالهند مائة سنة، لا يرفع رأسه إلى السماء واضعاً يده على رأسه يبكي على خطيئته فبعث الله إليه جبرائيل فقال: يا آدم الرب عز وجل يقرئك السلام ويقول: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أُسجد لك ملائكتي؟ ألم أُزوجك حواء أمتي؟ ألم أُسكنك جنتي؟ فما هذا البكاء يا آدم؟ تكلم بهذه الكلمات، فإن الله قابل توبتك، قل: سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
يا علي: إذا رأيت حية في رحلك فلا تقتلها حتى تخرج عليك ثلاثاً، فإن رأيتها الرابعة فاقتلها فإنها كافرة.
يا علي: إذا رأيت حية في طريق فاقتلها، فإني قد اشترطت على الجن أن لا يظهروا في صورة الحياة.
يا علي: أربع خصال من الشقاء: جمود العين،. وقساوة القلب. وبعد الأمل. وحب الدنيا من الشقاء.
يا علي: إذا أُثني عليك في وجهك فقل: اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون.
يا علي: إذا جامعت فقل: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن قضى أن يكون بينكما ولد لم يضره الشيطان أبداً.
يا علي: ابدأ بالملح واختم، فإن الملح شفاء من سبعين داء، أذلها الجنون والجذام والبرص.
يا علي: أدهن بالزيت، فإن من أدهن بالزيت لم يقربه الشيطان أربعين ليلة.
يا علي: لا تجامع أهلك ليلة النصف ولا ليلة الهلال، أما رأيت المجنون يصرع في ليلة الهلال وليلة النصف كثيراً!
يا علي: إذا ولد لك غلام أو جارية فأذن في أُذنه اليمنى، وأقم في اليسرى فإنه لا يضره الشيطان أبداً.
يا علي: ألا أُنبئك بشر الناس؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من لا يغفر الذنب ولا يقيل العثرة، ألا أُنبئك بشر من ذلك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من لا يؤمن شره، ولا يرجى خيره.
يا علي: إياك ودخول الحمام بغير مئزر فإنّ من دخل الحمام بغير مئزر ملعون الناظر والمنظور إليه.
يا علي: لا تتختم بالسبابة والوسطى، فإنه كان يتختم قوم لوط فيهما ولا تعر الخنصر.
يا علي: إن الله يعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يقول: يا ملائكتي عبدي هذا قد علم أنه لا يغفر الذنوب غيري، اشهدوا أني قد غفرت له.
يا علي: إياك والكذب فإن الكذب يسود الوجه، ثم يُكتب عند الله كذاباً وإن الصدق يبيّض الوجه ويكتب عند الله صادقاً. واعلم أن الصدق مبارك والكذب مشؤوم.
يا علي: احذر الغيبة والنميمة، فإن الغيبة والنميمة توجب عذاب القبر.
يا علي: لا تحلف بالله كاذباً ولا صادقاً من غير ضرورة ولا تجعل الله عرضة ليمينك، فإن الله لا يرحم ولا يرعى من حلف باسمه كاذباً.
يا علي: لا تهتم لرزق غد، فإن كل غد يأتي برزقه.
يا علي: إياك واللجاجة، فإن أولها جهل وآخرها ندامة.
يا علي: عليك بالسواك، فإن السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب ومجلاة للعين، والخلال يحببك إلى الملائكة، فإن الملائكة تتأذى بريح فم من لا يتخلل بعد الطعام.
يا علي: لا تغضب، فإذا غضبت فاقعد وتفكر في قدرة الرب على العباد وحمله عنهم وإذا قيل لك: اتق الله فانبذ غضبك وراجع حلمك.
يا علي: احتسب بما تنفق على نفسك تجده عند الله مذخوراً.
يا علي: أحسن خلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحب من الناس تكتب عند الله في الدرجات العلى.
يا علي: ما كرهته لنفسك فاكرهه لغيرك وما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك، تكن عادلاً في حكمك، مقسطاً في عدلك محبباً في أهل السماء، مودوداً في صدور أهل الأرض، احفظ وصيتي إن شاء الله تعالى.
*******