بسم الله وكفى وصلاة وسلاما على من اصطفى وآله وصحبه وكل من إلى طريقهم قد اقتفى
ثم أما بعد
حديثنا سيكون عن عبادة هي من أحب العبادات إلى الله
وسبحان من يسرها فهي لا تشترط طهارة ولا استقبال قبلة
وليس لها زمان أو مكان
نقوم بها في كل الأحوال
ومن عظم أجرها انظروا ما قال فيها الذي لا ينطق عن الهوى
{ ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، خير لكم من إنفاق الذهب والفضة،
وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله قال: { ذكر الله }
[رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح].
إنه ذكر الله
وفي الحديث القدسي يقول ربنا جل وعلا
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى :
( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته
في ملإ خيرمنهم ، وإن تقرب إليّ بـشِبر تقربت إليهِ ذراعا ، وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت إليهِ باعًا ، وإن أتاني يمشي
أتيته هرولة ) رواه البخاري و مسلم
ومن هذا الصرح أبعث رسالة إلى
المحسود والمعيون
من قلبه مكلوم وصدره مغموم وقد امتلأت عليه الهموم
إليك مني كلمات..لقبك شافيات ..ولهمك وغمك مذهباات.. ومن عيون حاسديك محصناات .
اعطِ لله ما يحب يعطيكَ أَكثر مما تحب قال صلى الله عليه وسلم :
{ أحب الكلام إلى الله أربع، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر } [رواه مسلم]
أخوتي
كم تمر علينا الساعات ونحن في لهو وغفلات
وفتور عن ذكر رب البريات
قال عزوجل
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)
[الحشر:19]
أرايتم أخوتي نسيان الذكر يولد الفسق والعياذ بالله
ولنعلم أن كثرة ذكر الله أمان من النفاق فإن المنافقين يتميزون بقلة ذكرهم لله عز وجل.قال تعالى :
( وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً )
[النساء:142]
وقال أيضا
((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا
* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى)) [طه:124-126]
حتى نبعد أنفسنا عن دائرة النفاق
ونسلم من ضنك العيش
نسارع إلى ذكر الله ونقتدي بنبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام
الذي كان يذكر الله في كل أحواله
قال رسول صلى الله عليه وسلم {مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكرربه كمثل الحي والميت} رواه البخاري
أحبابي في الله لنعلم أن حياة قلوبنا في ذكر الله عز وجل
فأنه الحصن الحصين والسد المنيع من الشيطان ووساوسه الخبيثة
.فإن كنا نطمع في المغفرة والأجر فلنقرأ قوله تعالى
( وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ))
[الأحزاب:35]
فيا لكرم الله ورحمته إذ جعل لنا هذه العبادة البسيطة الميسرة ننال بها المغفرة و الأجر العظيم،
من منا لا يريد أن ينال هذا الشرف و يكون من المغفور لهم،
إذن لماذا هذا التكاسل و التقصير في هذه العبادةالميسرة، ؛ وباب الذكر واسع والأذكار عديدة ومتنوعة
لك أن تختار منها ما تحب.
وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يومٍ ألف حسنةٍ ! فسأله سائلٌ من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنةٍ؟
قال: يسبح مائة تسبيحةٍ، فيكتب له ألف حسنةٍ، أو يحط عنه ألف خطيئةٍ "رواه مسلم.
أحبتي
ما قيل في ذكر الله صعب حصره وفضله غير خفي عن أي مسلم
تلاوة القرآن أفضل الذكر على الإطلاق فلا تبخل على نفسك بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار
عليك أيضا بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والإستغفار
ذكر الله تعالى من أيسر الأعمال ولا يعذر أحد في تركه
وتأملوا معي الحديث
عن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه أن رجلاً قال:
يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيءٍ أتشبث به
قال:" لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ".
رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
ومن هذا المنطلق أزف أليكم البشرى
بصلاة الله تعالى وملائكته على الذاكر ، ومن صلى الله عليه عز وجل قفد أفلح وفاز كل الفوز،
قال تعالى (يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا (41)وسبحوه بكرة وأصيلا (42)هو الذي يصلي عليكم
وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما (43) ))
أرايت ثمار الذكر كم هي حلوة المذاق، فماذا تنتظر إذن انطلق من الآن و سارع لقطفها و تذوقها و التلذذ بحلاوتها
و يكفيك فخرا أن تكون ممن قال فيهم الله جل في علاه :
{ فَاذكُروني أَذْكُرْكُمْ } البقرة