حمار الشيخ-2-
الجار ولو جار
للكاتب جميل السلحوت
عندما جرت اعادة ترتيب القبيلة في حينا،كان نصيب جارتي لمياء ان تنتقل الى بيت اكثر سوءا من بيتها الذي كان في جوارنا ومع انها تحفظ حق الجار الى سابع جار ولو جار الا انه لم يكن لها خيار في عملية الانتقال.
اما نحن فقد عز علينا الفراق لان حالنا لا يختلف عن حال ذلك الاعرابي الذي عرض بيته الفقير للبيع لضيق ذات اليد وعندما جاء احدهم لابتياعه قال:البيت بمائتين وجوار ابي دلف بألفين،ولما سمع ابو دلف بما قاله جاره،علم حاجته فقضى ديونه وافرج عنه واحتفظ بجواره لكننا لا نملك ما يمكننا من الابقاء على جارتنا لمياء كما فعل ابو دلف.
وهكذا ارتحلت لمياء رغما عنها وعنا وان كنا نتمنى لها الاقامة السعيدة في سكنها الجديد خصوصا وانه منفرد.ولما كانت لمياء هذه حسناء خفيفة الظل،سريعة البديهة،طليقة اللسان،فقد كان لها علينا فضائل لا ينكرها الا جاحد،وبما اننا والحمد لله لسنا من الجاحدين ونعترف لذوي الفضل بفضلهم،فان فضائل جارتنا لمياء لن تغيب عن بالنا خصوصا حواراتها مع حمارنا-اجلكم الله- الذي افتقدها كثيرا وشرع ينهق نهيقا موجعا وتحديدا عندما يرى جيراننا الجدد الذين يحتاجون الى ترجمان من العربية الى العربية نفسها نظرا لقلة الفسفور او انعدامه في ادمغتهم الصدئة التي لم يدخلها علم او ثقافة الا على شكل رتوش مشوهة زادتهم قبحا على قبح.وان كانوا ينفخون اجسادهم المهترئة على شاكلة طاؤوس هرم تساقط ريشه وبان جسمه المترهل فاضحى اضحوكة للناظرين.
ولولا ان لمياء تزورنا بين الفينة والاخرى فتتحفنا بعذوبة حديث٧ا لفكرنا ببيع بيتنا بابخس الاثمان،وان كنا قد عزمنا على الخروج في رحلة قد تطول وذلك لا حبا في الرحيل وانما هروبا من واقع مرير، وسنترك ابا صابر في عهدة لمياء لانها تفهم عليه ويفهم عليها.