أخطاء.. تقع في العيد
الكاتب: د. راغب السرجاني
تقبل الله منا ومنكم السؤال:
ما هي الأخطاء والمنكرات التي نحذر منها المسلمين في العيدين، فنحن نرى بعض التصرفات التي ننكرها مثل زيارة المقابر بعد صلاة العيد، وإحياء ليلة العيد بالعبادة؟
الجواب: ..
الحمد لله
إن مما ينبه عليه مع إقبال العيد وبهجته بعض الأمور التي يفعلها البعض جهلاً بشريعة الله وسنة رسول الله ، ومن ذلك:
1- اعتقاد البعض مشروعية إحياء ليلة العيد:
يعتقد بعض الناس مشروعية إحياء ليلة العيد بالعبادة، وهذا من البدع المُحدثة التي لم تثبت عن النبي ، وإنما روي في ذلك حديث ضعيف (من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب). وهذا حديث لا يصح، جاء من طريقين أحدهما موضوع والآخر ضعيف جدًّا[1].
فلا يشرع تخصيص ليلة العيد بالقيام من بين سائر الليالي، بخلاف من كان عادته القيام في غيرها، فلا حرج أن يقوم ليلة العيد.
2- زيارة المقابر في يومي العيدين:
وهذا مع مناقضته لمقصود العيد وشعاره من البِشْر والفرح والسرور، ومخالفته هديه وفعل السلف، فإنه يدخل في عموم نهيه عن اتخاذ القبور عيدًا؛ إذ إن قصدها في أوقات معينة، ومواسم معروفة من معاني اتخاذها عيدًا، كما ذكر أهل العلم[2].
3- تضييع الجماعة والنوم عن الصلوات:
إن مما يؤسف له أن ترى بعض المسلمين وقد أضاع صلاته، وترك الجماعة، وقد قال النبي : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"[3].
وقال: "إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّار"[4].
4- اختلاط النساء بالرجال في المصلى والشوارع وغيرها، ومزاحمتهن الرجال فيها:
وفي ذلك فتنة عظيمة وخطر كبير، والواجب تحذير النساء والرجال من ذلك، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع ذلك ما أمكن، كما ينبغي على الرجال والشباب عدم الانصراف من المصلى أو المسجد إلا بعد تمام انصرافهن.
5- خروج بعض النساء متعطرات متجملات سافرات:
وهذا مما عمت به البلوى، وتهاون به الناس والله المستعان، حتى إن بعض النساء -هداهن الله- إذا خرجن للمساجد للتراويح أو صلاة العيد أو غير ذلك فإنها تتجمل بأبهى الثياب، وأجمل الأطياب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ"[5].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا"[6].
فعلى أولياء النساء أن يتقوا الله فيمن تحت أيديهم، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من القوامة؛ إذ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34].
فعليهم أن يوجهوهن ويأخذوا بأيديهن إلى ما فيه نجاتهن، وسلامتهن في الدنيا والآخرة بالابتعاد عما حرم الله، والترغيب فيما يقرب إلى الله.
6- الاستماع إلى الغناء المحرم:
إن من المنكرات التي عمت وطمت في هذا الزمن الموسيقى والطرب، وقد انتشرت انتشارًا كبيرًا وتهاون الناس في أمرها، فهي في التلفاز والإذاعة والسيارة والبيت والأسواق، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
بل إن الجوالات لم تسلم من هذا الشر والمنكر، فها هي الشركات تتنافس في وضع أحدث النغمات الموسيقية في الجوال، فوصل الغناء عن طريقها إلى المساجد والعياذ بالله.. وهذا من البلاء العظيم والشر الجسيم أن تسمع الموسيقى في بيوت الله. وهذا مصداق قوله : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف"[7].
والحر هو الفرج الحرام يعني الزنا، والمعازف هي الأغاني وآلات الطرب.
فعلى المسلم أن يتقي الله، وأن يعلم بأن نعمة الله عليه تستلزم شكرها، وليس من الشكر أن يعصي المسلم ربه، وهو الذي أمدَّه بالنعم.
مرَّ أحد الصالحين بقومٍ يلهون ويلغون يوم العيد، فقال لهم: إن كنتم أحسنتم في رمضان فليس هذا شكر الإحسان، وإن كنتم أسأتم فما هكذا يفعل مَن أساء مع الرحمن.
والله أعلم.----------------------------------
[1] انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (520، 521).
[2] انظر: أحكام الجنائز وبدعها للألباني (ص219)، و(ص258).
[3] رواه الترمذي (2621)، والنسائي (463)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
[4] رواه مسلم (651).
[5] رواه النسائي (5126)، والترمذي (2786)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2019).
[6] رواه مسلم (2128).
[7] رواه البخاري.