رعاية االحقوق والواجبات بين افراد الاسرة واحترامها(1)

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

في هذا المجال لابد من معرفة حقوق كل فرد في الأسرة ، وواجباته ، وقيامه بحق رعايتها، والمحافظة عليها.
أولا ـ حقوق الزوجة على الزوج وهي تمثل واجبات الزوج نحوها ، وتتنوع هذه الحقوق إلى ما يلي :
أ ـ النفقة :
من مطعم ، ومشرب ، وملبس ، ومسكن ، وخدمة إن كانت من شأنها أن تخدم ، كل ذلك في حدود المعروف ، وضمن دائرة قدرة الرجل المالية ، فالمرأة كزوجة لا تكلف بشئ من هذا، ولا غضاضة في ذلك ، والزوج هو المكلف بتوفيرها ، ولا فضل ، إذ على زوجته ما يساويها ، إن ام يفقها ، في المقابل.
قال تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة 233.
وقال : (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) الطلاق 6.
وقال ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه زقه فلينفق مماءاتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما ءاتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا ) الطلاق 7.
يتبع
......

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها
العشرة الكريمة، والإمساك الحسن :
وهذا من حقوق الزوجة على زوجها، وواجبات الزوج نحو زوجته ، وهو تصرف أوجبه الدين ، وأمر به، ولا يسقط حتى ساعة الغضب، أو أوقات الكراهية. قال الله تعالى: ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) النساء 19.
وقال تعالى : ( فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) البقرة 231.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ل( لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقا رضي منها آخر ) رواه مسلم "1469" في الرضاع.
ومعنى لا يفرك : أي لا يبغض.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( استوصوا بالنساء خيرا ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ، فإذا ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا ) رواه البخاري " 5176" في النكاح .
وفي هذا الحديث توجيه للأخذ بخلق التسامح والصبر في معاملة النساء وتحمل ما قد يظهر من خطأ في تصرفاتهن.
وفي تكرار الوصية بهن تأكيد على ضرورة التزام هذا الجانب الطيب في المداراة ، والتلطف ، حتى تبقى الأمور مستمرة، ومستقرة ، ولا تتعرض للهدم ، والزوال.
فزوجة الإنسان أولى الناس ببره لأنها هي السكن والمودة والرحمة التي أعطيها ، وهذا لا يتوفر إلا بالصبر والإحسان وطيب المعاملة.
إن العشرة الكريمة للزوجة، إنما هي فرع احترامها ، وتقديرها ، والنظر إليها على أنها شريك مكرم في كيان الأسرة ، فالواجب يفرض أن تكون معززة ، مكرمة ، تشارك في مصالح أسرتها ، ويؤخذ رأيها ، ويعتد بما يصدر عنها من آراء ومواقف بناءة ، وفي هذا تشجيع لها على بذل مزيد من جهدها ، وفكرها في مصلحة بيتها ، وأسرتها ، وهذا عكس ما إذا شعرت الزوجة بعدم احترامها ، أو احترام أفكارها ، فإنها سوف تمسك عن تقديم أي شيئ يمكن أن يعود بالنفع على أسرتها.

يتبع
-------

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ج ـ الغيرة على الزوجة ، وكف الأذى عنها :
الزوجة بالنسبة للزوج تعني العرض ، والشرف ، وأن من واجب الرجل ، وحق المرأة أن يغار عليها ، ويدافع عنها ،
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر ، والعاق ، والديوث ، الذي يقر في أهله الخبث ) صحيح الجامع الصغير ، 3052.
والمراد بالأهل هنا : الزوجة ويلحق بها بقية القرابة من أم ، وبنت وأخت وغيرهن.

د ـ العدل بين نسائه :
إذا كان له أكثر من زوجة وهذا العدل واجب عليه في المبيت والنفقة ، وحسن العشرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ) وعند الترمذي ( فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة ، وشقه مائل ) وعند الترمذي ( وشقه ساقط) " رواه ابوداود '2133' والترمذي ' 1141'.

يتبع
-----

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ثانيا : خقوق الزوج على الزوجة ، وهي تمثل واجبات الزوجة نحو زوجها:
وهذه الحقوق تتنوع إلى أمور كثيرة منها :
أ - الطاعة بالمعروف:
إن مركب الأسرة لا يمكن أن يسير بيسر ، وسلامة بغير طاعة ربان هذا المركب ، ما دام يأمر بالمعروف ، ويدعوا إلى الخير.
والربان هنا هو الزوج ، الذي جعله الدين راعي الأسرة والمشرف عليها ، والمدير لها.
قال الله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم ) النساء 34.
فأول واجبات الزوجة في الأسرة أن تلتزم طاعة الزوج ، وهذه الطاعة حق من حقوقه عليها، وهي طاعة مطلقة ما دامت في حدود المعروف.
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( لا يحل لامرأة أن تصوم ، وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ) رواه البخاري 5195 ، في النكاح . ومسلم ' 1026 في الزكاة.
وعليها أن تطيع زوجها فيما إذا أمرها بالمحافظة على حقوق الله عز و جل الواجبة عليها، كالصلاة ، والغسل من الجنابة ، والتزام جانب العفة ، وترك التبرج ، لأنها مكلفة بذلك ، ومسؤولة عنه ، والزوج مأمور بتذكيرها بمثل هذه الحقوق.
يتبع

------

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ب ـ معاشرته بالمعروف :

وهذا واجب على الزوجة، كما هو واجب على الزوج نحوها ، فإن الحياة الزوجية إنما تنهض سلامتها على الإحسان ، وحسن العشرة ، وطيب المعاملة ، والاحترام المتبادل .
إن من مظاهر المعاشرة بالمعروف أن تلين في خطابه ، ولا ترفع صوتها عليه ، ولا تتأفف من طلباته ، ولا تقطب في وجهه ، وأن تلقاه بالبشر ، وسلامة الصدر ، وتحسن استقباله إذا أتى ، وتشيعه إلى الباب إذا خرج ، وتظهر فرختها بعودته ، وتدعو له في غيبته ، وتظهر كل هذه العواطف النبيلة الصادقة نحوه أمام أهله ، وأولاده ، ليعتادوا على احترامه ، ويقلدوها في إكرامه ، ومثل هذا السلوك من الزوجة نحو زوجها ، يجعل من حياتها جنة وارفة الظلال ، كثيرة الثمار.
والمرأة خين تسيئ عشرة زوجها ، تجني على نفسها ، وأسرتها ، كما يجني الزوج على نفسه ، وأسرته حينما يسئ عشرة زوجته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه البخاري '13' في الإيمان . ومسلم ' 45 في الإيمان .

ج ـ المحافظة على شرفه وسمعة بيته :

إن من واجب الزوجة أن تكون أمينة على سر زوجها، وشرفه ، وعرضه ، فلا تبوح لأحد بما يكون بينها وبينه ، ولا تدخل أحدا بيته من غير رضاه ، وأن تبتعد بنفسها عن مواطن الريب والشبهات ، حتى لا تعرض سمعة زوجها وسمعتها أيضا للقيل والقال.
عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه:
( إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة ، الرجل يفضي إلى المرأة ، وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها ) رواه مسلم 1437 في النكاح.

يتبع
------

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

د ـ خدمة بيت الزوجية :
وذلك كالطبخ ، والكنس، والغسل ، ونحو ذلك مما جرت عادة النساء أن يقمن به في بيوت أزواجهن ، وليس في شئ من هذا غضاضة من شأن المرأة ، ولا إساءة إليها ، فهي شريك في شركة ذات تكاليف ، وأعباء ، ولا تتحقق السعادة الأسرية ، ولا تنمو هذه الشركة إلا بالقيام بهذه التكاليف ، والاعباء ، وبذل الجهد لإتقانها ، والإخلاص في أدائها ، وليس هناك أدل على وجوب عمل المرأة في بيت زوجها . من حديث فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي شكت للنبي صلى الله عليه وسلم ما كانت تلقى من التعب في بيت زوجها على – رضي الله عنه- وطلبت منه خادما يعينها ، فماذا كائن منه؟.
عن علي – رضي الله عنه - أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى في يدها من الرخى ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما ، فلم تجده ، فذكرت ذلك لعائشة – رضي الله عنها - ، فلما جاء أخبرته ، قال : فجاءنا ، وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبت أقوم ، فقال : ( مكانك ).
فجلس بيننا، حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال :
( ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟
لإذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما ، فكبرا ثلاثا وثلاثين ، وسبحا ثلاثا وثلاثين ، وحمدا ثلاثا وثلاثين ، فهذا خير لكما من خادم ) رواه البخاري ' 6317' في الدعوات ومسلم ' 2727 في الذكر.

يتبع
-----

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ه ـ تربية أولادها تربية حسنة :
وهذا من واجباتها أيضا ، فهي شرعا راعية لهم ، ومسؤولة عنهم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والحق أن إهمال الزوجة لشأن أولادها ، من أفدخ الأخطار في الأسرة ، وأول من يتلظى بهذا الإهمال . البوان ، وذلك لما ينشأ عليه الأولاد إذا ساءت تربيتهم من العقوق ، وسوء المعاملة ، والعكسس صحيح أيضا ، فإن قيام الزوجة بواجب التربية ، يعد ضمانة لمستقبل الأولاد والوالدين ، والمجتمع.
ويقول حافظ ابراهيم :
الأم مــــدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعــراق

و ـ معاملة أقارب الزوج معاملة حسنة :

فإن من حقوق الزوج على زوجته أن تحسن معاملة والديه ، وأقاربه ، ولا تؤذيهم ، لأن برهم من بر الزوج ، وحسن معاشرته الواجبة عليها، وما يؤديهم لاشك أنه يؤديه، وأذية الزوج من طرف زوجته حرام.
عن معاد بن جبل – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تؤدي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العيمن : لاتؤديه ، قاتلك الله ، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا ) رواه الترمذي 1174 في الرضاع.

يتبع

------

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ثــــالثا : حقوق الأولاد على الوالدين:

وهي تشكل أيضا واجبات الوالدين نحو الأولاد ، وهي تتنوع إلى أمور كثيرة :
ـ فمن واجبات الأم نحو أولادها :

أ ـ أرضاعهم ، ويتعين هذا عليها إذا لم يكن ثمة غيرها يرضعهم.
قال تعالى  والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) البقرة 233.

ب ـ رعايتهم الرعاية الصحية الكاملة ، من حيث طعامهم ، ومنامهم ، ونظافتهم ، وحدمتهم.

ج ـ تربيتهم التربية الرشيدة ، من حيث توجيههم نحو العبادة والطاعة ، والتخلق بالأخلاق الفاضلة ، وحمايتهم من الفساد ، وسوء المعتقد ، وشذوذ الأخلاق.

وأما الأب فإنه يقع عليه القسط الأوفى ، والنصيب الأكبر من الواجبات نحو أولاده:

أ ـ فمن واجبه اختيار أمهم ، فإن الأم معدن الولد ، وكثيرا ما ينزع في فطرته اليها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تخيروا لنطفكم ). صخيخ الجامع الصغير 2928.

ب ـ أن يسأل الله عوز و جل الزواج خير هذه المرأة ، وخير ما خلقت له .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( إذا تزوج أحدكم امرأة ، أو اشترى خادما فليقل : اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها ، وشر ما جبلت عليه ) رواه ابن ماجه 1918.

يتبع
------

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ج ـ وإذا أراد أحدكم إتيان أهله ، فليستعد بالله من الشيطان الرجيم .
عن ابن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فقضي بينهما ولد ، لم يضره ) رواه البخاري 5165 في النكاح . ومسلم 1434 في النكاح.

د ـ أن يؤذن في أذنه اليمنى بعد الولادة ، وأن يقيم في أذنه اليسرى ، ليكون أول ما يطرق سمعه توحيد الله تعالى .
عن أبي رافع – رضي الله عنه- مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي رضي الله عنهما – حينن وضعته فاطمة بالصلاة ) رواه ابوداود 5105. والترمذي 1514.

ه ـ أن يختار له من الأسماء أحسنها :
عن اب الدرداء – رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم ، وأسماء آبائكم ، فأحسموا أسماءكم ) رواه ابوداود 4948.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن أحب أسمائكم إلى الله عز و جل عبد الله ، وعبد الرحمان ) رواه مسلم 2132.

و ـ أن يعق عنه يوم سابعه ، ويحلق شعره ، ويتصدق بوزنه ذهبا، أو فضة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويحلق ، ويسمى ) رواه ابو داود 2537 ، والترمذي 1522.
وكل هذه الحقوق إنما تؤدى تفاؤلا بسلامة الأولاد ، وسعادتهم ، وحسن سيرتهم ، وهي من الأهمية بمكان ، ولا يهملها ، أو يقلل من شأنها إلا غر جاهل .

ز ـ النفقة على الأولاد من مطعم ، وملبس ، ومسكن وغير ذلك مما يحتاجون لنموهم ، وسلامة حياتهم ، والرجل مسؤول عن أي تفريط في ذلك أةو تقصير .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء اثما أن يضيع من يقوت ) رواه ابوداود 1692 في الزكاة.

يتبع
-------

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ح ـ الاعتناء بحياتهم الصحية ، والبدنية :
فمن الواجب توفير النظافة لهم ، والوقاية من الأمراض ، ومعالجتهم بالأدوية إذا مرضوا وتعويدهم على ما يقوي أبدانهم من أنواع الألعاب، والرياضات النظيفة السليمة من الأخطار ، والاضرار ، كالسباحة ، والرماية ، وركوب الخيل .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم  ألا إن القوة الرمي ) رواه مسلم 1917 في الإمارة.
وينبغي تعليمهم بعض الحرف المفيدة، التي تدر عليهم بعض المال، ولا سيما البنات ، فقد رؤي أنه صلى الله عليه وسلم قال:
( علموا بناتكم الغزل، وسورة النور ) ذكره السيوطي في الدرر المنثور 5/17.

ط ـ أمرهم بالعبادات، وتعويدهم عليها ، وترغيبهم بالطاعة ، وحملهم عليها، ونهيهم عن المعاصي ، والمخالفات ، وتجنيبهم إياها ، وتحذيرهم من عواقب الشذوذ ، وغوائل الانحراف ، وهذا واجب الأب، كما هو واجب الأم في الأسرة نخو الأولاد.
قال الله تعالى  ياأيها الذين عامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) التحريم 6.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( مروا أولادكم بالصلاة ، وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه ابو داود 495 في الصلاة.

ي ـ تعليمهم ما يحتاجون من أنواع العلوم الشرعية ، كالعقائد ، والعبادات ، وفضائل الأخلاق ، وقراءة القرآن ، ونحو ذلك ، وقد ضرب الله عز وجل لنا مثلا في لقمان عليه السلام ، وابنه ، حيث كان يعظه، ويعلمه.
قال الله تعالى :
ولقد ءاتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد(12) وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم(13) ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير (14) وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون(15) يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير(16) يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور(17) ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور (18) واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) لقمان: 12-19.
يتبع
----

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

رابـــعا : حقوق الوالدين على الأولاد وهي تمثل واجبات الأولاد نحو الوالدين ، وهي تتنوع إلى أمور كثيرة منها :
أـ الإنفاق عليهما إذا احتاجا إلى النفقة ، وذلك بأن كانا فقيرين ، فنفقتهما على الأولاد ، ذكورا وإناثا ، وتكون حصة الأنثى من النفقة كنصف حصة الذكر.
عن طارق المحاربي – رضي الله عنه- قال : قدمت المدينة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس ، وهو يقول :
( يد المعطي العليا ، وابدأ بمن تعول : أمك وأباك ، وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك ) رواه النسائي :5//61.
وعن كليب بن منفعة عن جده- رضي الله عنه – أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يارسول الله ، من أبر ؟ قال : ) أمك، وأباك ، وأختك وأخاك ، ومولاك الذي يلي ذاك ، حق واجب، ورخم موصولة) رواه ابوداود 5140 في الادب.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أولادكم م، أطيب كسبكم ، فكلوا من كسب أولادكم) رواه ابو داود 3530 في البيوع.

ب ـ الطاعة لهما في غير معصية الله تعالى :
لأن ذلك من دواعي برهما والإحسان اليهما ، فإذا أمرا أمرا، أو نهيا عن شئ ، كان لزاما على الولد أن يستجيب لذلك بغير تأخير ، ولا تأفف ، ما دام ذلك ليس في معصية الله تعالى فإن عصيانهما من العقوق المحرم.
قال الله تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إل إياه وبالوالدين إحسانا إما يباغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فى تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما(23) واخفض لهما جناح الذل من الرخمة وقل رب ارخمهما كما ربياني صغيرا) الإسراء 23-24.
فالطاعة لهما، والإحسان اليهما، والتواضع، والدعاء لهما أمور أساسية وخقوق أصلية للوالدين لايجوزإهمالهاا ، ولا التساهل فيها، وإلا برز قرن العقوق ، ولا يدخل الجنة عاق لوالديه.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الكبائر : الإشراك بالله ،وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس ) رواه البخاري 6675 في الأيمان والنذور.
وعن أبي أسيد الساعدي – رضي الله عنهما- قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال : يا
رسول الله ، هل بقي من بر أبوي شئ أبرهما به بعد موتهما ؟ فقال :
( نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما ) رواه ابوداود 5143 في الأدب.
يتبع
----

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

ج ـ احترامهما، ولزوم جانب الأدب معهما، والبعد عن التسبب في الإساءة إليهما.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم : رأى رجلا معه غلام، فقال للغلام ؟
( من هذا)
قال: أبي، قال :
( فلا تمش أمامه ولا تستسبب له، ولا تجلس قبله ، ولا تدعه باسمه) رواه ابن السني 397.
ومعنى لا تستسبب له : لا تفعل فعلا يتعرض فيه لأن يسبك أبوك زجرا لك ، وتأديبا على فعلك القبيخ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ).
قيل يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه ؟ قال :
( يسب أبا الرجل ، فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ) رواه البخاري 5973 في الادب . ومسلم 90 في الإيمان.

د ـ أن يخدمهما بإخلاص، ويقدم خدمتهما على الانفس والزوجوالولد، كما كانا يقدمان خدمته على كل شئ.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال : أقبل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : أبايعك على الهجرة ، والجهاد ، ابتغي الأجر من الله تعالى ، فقال :
( هل لك من والديك أحد خي ؟ )
قال: نعم ، بل كلاهما ، قال :
( فتبتغي الأجر من الله تعالى ؟ ).
قال : نعم ، قال :
فارجع إلى والديك ، فأحسن صحبتهما) رواه مسلم 2549 في البر رقم 6.
وفي رواية : ( ففيهما ، فجاهد) رواه البخاري 3004 في الجهاد. ومسلم 2549 في البر رق 5.

يتبع

-----

رعاية الحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة واحترامها

خامــسا : حقوق الإخوة بعضهم على البعض:
الإخوة ، والأخوات في الأسرة أركان فيها ، وهم أولاد أبوين ، يرجعون إلى بطن واحدة ، ويلتقون في نسب واحد ، فهم أشبه بجسد ذي أعضاء. لا يتم نفعه إلا بتعاون أعضائه ، وكذلك يجب أن تسود حياة هؤلاء الإخوة ، والأخوات روح المودة ، والمحبة ، والتعاون المثمر البناء ، لذلك كانت الإساءة بينهم أبشع صورة ، وأشنع وقعا كما قيل :

وظلم ذوي القــربى أشد مضــضة على النفــس من وقع الحسام المهنـد

والتعاون بين الإخوة في الأسرة أمر ضروري لعزتهم ، واجتماع كلمتهم ، وحصول منافعهم ، وتحقيق رفاهيتهم وانتشار الأنس والسعادة بينهم ، لهذا كان وجود الأخ للإنسان في هذه الدنيا ، من دواعي غبطته ، وقوته ، بقول بعضهم :

أخاك أخــاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير حسام

وقد جاء على لسان أب، في وصيته لأولاده قوله :
كونوا جميعا يا بني إذا اعتــرى خطب ولا تتفرقوا آحــادا
تأبى الرماح إدا اجتمعن تكســرا وإذا افترقن تكسرت آحـادا

هذه خلاصة.... في الحقوق والواجبات المتبادلة في الأسرة بين أعضائها، والقيام بها ضمانة لسعادة الأسرة، وسلامتها ، وهي أساس قوي من أسس بناء الأسر ، وتشييد أركانها ، وبلوغ مراتب السمو والرفعة بها والله هو الموفق.

جزا الله الجميع أحسن الجزاء ممن أناروا لنا الدروب بكتاباتهم وتوجيهاتهم
وإرشاداتهم في كتبهم القيمة النبيلة وأفكارهم الرصينة البناءة الهادفة والتي استخلصنا منها كل هذا الزخم من القيم وجزا الله عنا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خير الجزاء ، بلغ لنا الرسالة ونقذ الأمة
وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

كما استسمحكم عن الأخذ من وقتكم الثمين للمرور على هذا الموضوع المتشعب والذي اردت من ورائه التذكير ، لقوله تعالى : ) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ).

» الدين والخلق في رحاب الاسرة
» الاسرة ودورها في إشباع حاجات الأبناء
» الحقوق والواجبات الزوجية
» رعاية الله له صلى الله علية وسلم